شهدت قاعة فرانسوا باسيل في حرم جامعة القديس يوسف في السابع عشر من كانون الأول الجاري، احتفال تسليم جائزة السلام في لبنان وتفادي النزاعات التي تمنح سنوياً من قبل “مؤسسة غزال للتعليم والبحوث والسلام في لبنان” للجمعيات والمنظمات الإنسانية المساهمة في بناء السلم الاجتماعي بين أبناء المجتمع اللبناني عبر التمكين والتحصين، بعد أن قررت اللجنة اعطاء جائزة العام 2016 لمؤسسة عامل الدولية تقديراً لمسيرتها الطويلة والمتفانية في العمل مع المجتمع اللبناني واللاجئين على حد سواء بهدف التنمية ومنع النزاعات بين البيئات المتنوعة وبين المجتمع المضيف واللاجئين.
إقرأ أيضا: «نوبل للسلام» يطرق باب «مؤسسة عامل»
أقيم حفل التسليم بحضور ميشال غزال رئيس مؤسسة غزال للتعليم والبحوث والسلام في لبنان، والدكتور كامل مهنا رئيس مؤسسة عامل الدولية، ومنسق عام تجمع الهيئات الأهلية التطوعية في لبنان، إلى جانب حضور أعضاء لجنة التحكيم المؤلفة من الدكتور جورج قرم، الاعلامي جورج غانم، وبيار عيسى وانجلينا أبو رجيلة، وذلك بمشاركة رئيس مجلس شورى الدولة ورئيس اتحادات جمعيات خريجي جامعة القديس يوسف القاضي شكري صادر، وممثلة المفوضية العليا للاجئيين ميراي جيرار، والوزير السابق بهيج طبارة، والسيدة رابحة عيدي، والسفير عفيف ايوب، وحسن برو، ومارسيل لوجيل، والهيئة الإدارية في عامل، وعدد من الشخصيات الاجتماعية وممثلي الجمعيات وفريق “مؤسسة عامل الدولية”.
افتتح الحفل بكلمة رئيس مجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر الذي هنّأ مؤسستي عامل وغزال على جهودهما في دعم المجتمع اللبناني وايمانهما بضرورة بناء السلم والتعاون، معتبراً أنه لم يكن ممكناً للمجتمع اللبناني أن يتماسك من دون مساهمات وجهود المنظمات الأهليّة والمجتمع المدني في مواجهة الأزمات البنيوّية التي عانى منها طيلة الفترة الماضية.
وقال صادر: “من الضروري أن نكرم المؤسسة اللبنانية التي كان لها باع طويل في التضحية وقد كانت الوحيدة المرشحة عن لبنان للجائزة الأكثر شرفيّة في العالم للعام 2016 وهي جائزة نوبل للسلام، وأعني هنا مؤسسة عامل”.
تلاه ميشال غزال الذي شرح في كلمته حول رؤية وأهداف مؤسسة غزال والمعايير التي يتم البناء عليها سنوياً للبحث عن الجهات المؤثرة والفاعلة في تحسين ظروف المجتمع اللبناني والتدخل في الأزمات المختلفة لحمل العبء ودعم الناس بغض النظر عن انتماءاتهم، مشيراً إلى أن تهديد السلم الأهلي وتوسع دائرة النزاعات في الشرق الأوسط والعالم هو أصعب وأخطر ما يواجهه العالم.
وأبدى غزال فرحته للنماذج الفاعلة والملتزمة الموجودة في لبنان على الرغم من الصعوبات والصورة السيئة التي تنقل عن هذا البلد، قائلاً: “إن عامل ومثيلاتها من الجمعيات التي تخلق أثراً حقيقاُ، هي وجه لبنان الحقيقي الذي طالما تقت إليه طيلة أثناء وجودي في الخارج”.
وأكد غزال أن المعايير كانت صعبة ودقيقة لهذا العام وكان هناك ثلاث مرشحين مؤهلين لنيل الجائزة، ولكن بعد الاطلاع على تجربة عامل وجدنا أنها مسيرتها التاريخية الطويلة المليئة بالانجازات وعمق تجذرها في المجتمع اللبناني إلى جانب مساهماتها في احتواء أزمة اللاجئين وفي نقل رسالة لبنان وصوته إلى المحافل الدولية إلى جانب دورها في منع النزاعات الاهلية بين مختلف الشرائح وبين المجتمع المحلي واللاجئين ، كل ذلك، كان يؤهلها بالفعل لتفوز بالجائزة. وتوجه غزال بالشكر الى الدكتور كامل مهنا بالشكر قائلاً أنه من أكثر شخصيات لبنان التزاماً ونضالاً من أجل السلم والتنمية، والذي تشكل كرامة الناس ومصلحتهم أهم اولوياته ومحاور نضاله وأعماله.
أما كلمة لجنة التحكيم فتلاها البروفسور جورج قرم، الذي كان بدوره الجهة التي رشحت عامل لجائزة نوبل للسلام للعام 2016، حيث ركز في كلمته على خصوصية مؤسسة عامل التي نبعت من حاجة وقيم المجتمع اللبناني والتي لا تزال على الرغم من الصعاب ملتزمة بالعمل الانساني النبيل ولم تنحدر رغم المغريات إلى المعايير التجارية الربحية التي تهمل الانسان وتستغل قضاياه.
كما ركّز قرم في كلمته على دور الدكتور كامل مهنا في نقل تجربته الخاصة وقيمه وأخلاقه إلى نظام عمل “مؤسسة عامل” والعاملين فيها، وكيف يقف هذا الرجل في المحافل الدولية صريحاً صادقاً للدفاع عن القضايا التي يخاف الجميع الحديث عنها وخصوصاً القضية الفلسطينية على حد تعبير قرم، الذي اعتبر أن د. مهنا هو الشخصية العربية الوحيدة في هذا المجال التي تخاطب الغرب والمنظمات الدولية من موقع الند للند، رافضاً العقلية التبعية والخضوع للاملاءات والقوالب الجاهزة التي يسقطونها على مجتمعاتنا المحلية، مشيراً إلى أن عامل رفعت صورة لبنان في عدة مجالات وهي تستحق بجدارة هذه الجائزة التي ستكون بمثابة أداة جديدة تستخدمها عامل في دعم الكرامة الانسانية.
ثم قامت لجنة جائزة السلام في لبنان بتسليم الدرع للدكتور كامل مهنا، الذي كانت له كلمة في هذه المناسبة شكر فيها مؤسسة غزال ومساهماتها في دعم الابحاث والسلم الأهلي داعياً كافة الجهات اللبنانية والدولية ضرورة التمسك بالقيم الانسانية التي تضمن بناء عالم اكثر عدالة، اكثر ملائمة لكرامة الناس وحقوقهم، خصوصاً أن مؤسسة عامل الدولية تعتمد فلسفة التعاون مع الناس وتمكينهم وليس عقلية الإحسان الفوقية وغير القادرة على تحسين وضع الانسان الفرد أو المجتمع.
كما أكد د. مهنا أنه على الرغم من صعوبة العمل في المجتمع اللبناني الذي ينقسم بشكل طائفي وفئوي إلا أن مؤسسة عامل الجمعية المدنية غير الطائفية التي تحمل ثقافة مختلفة، استطاعت أن تكسب ثقة المجتمع المحلي والجهات الدولية على حد سواء نتيجة لفلسفتها الإنسانية الثابتة وتضحياتها غير المحدودة في مختلف الظروف، وهي الآن تعمل عبر مراكزها الـ24 الموزعة في المناطق الأكثر فقراً وتهميشاً وعياداتها النقالة الـ6 الموزعة على المناطق الحدودية و800 متفرغاً، مع المجتمع المحلي واللاجئين بكل فئاتهم العمرية، بالتعاون مع السلطات المحلية والمنظمات الدولية والناس أنفسهم على برامج التمكين والرعاية الصحية بكافة مجالاتها.
إقرأ أيضا: الجمعيات الأهلية: لبنان بمؤسساته المدنية يستحق نوبل للسلام
وشرح مهنا في كلمته أن “عامل” قد حرصت على الانطلاق من فهم طبيعة وظروف المجتمع اللبناني لتحديد الحاجات والبرامج المطلوبة للسير نحو عملية التنمية والسلم الاجتماعي في لبنان، وعبر الفهم والتعاون مع اللبنانيين من مختلف المشارب والمناطق في ظروف السلم والحرب، استطاعت المؤسسة أن تضع لبنة الأساس في عملية التغيير الاجتماعي السلمي، وأن تكون أنموذجاً لبنانياً وعربياً يحتذى به، رافعة “شعار التفكير الإيجابي والتفاؤل المستمر”، حيث خصصت المؤسسة برامج متنوعة لتأهيل المجتمع وتنميته معتمدة توجه مثلث الأضلاع: (خدمة – تنمية – حقوق).
واضاف مهنا: “بإمكاننا أن نلخص فلسفة عامل بالمهمة التالية: تعزيز إنسانية الإنسان بغض النظر عن انتماءاته الدينية أو السياسية أو المناطقية أو العرقية والحفاظ على كرامته”. ووعد مهنا اللبنانيين، بأن تستمر عامل بعطائها في كل الظروف، والتعاون مع منظمات المجتمع المدني في سبيل بناء الدولة المدنية الديمقراطية العادلة، والدفاع عن قضايا الشعوب العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
ثم شارك الجميع في حفل كوكتيل من تصميم وتنظيم لاجئات سوريات وعراقيات يتدربن في مركز عين الرمانة التنموي التابع لمؤسسة “عامل”.
Commentaires récents